قال عز وجل -: ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا)
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته )
يا معشر المعلمين, إنكم رعاة ومسئولون عن رعيتكم , وإنكم بناة والباني لمسئول عما يقع في البناء من زيغ أو إنحراف .
فالتعليم هو التكوين الأول للناشئة , وعلى أساسها يبنى مستقبلهم في الحياة , فإن كان هذا التكوين صالحا كانوا صالحين لأمتهم
ولأنفسهم , وإن كان مختلا ناقصا زائغا بنيت حياة الجيل كله فساد , وساءت آثاره على الأمة , وكانت الأمية أصلح لها , وأسلم
عاقبة.
قال الحكيم العربي:
إذا ما الجرح رم على فساد تبين فيه تفريط الطبيب
وقال شوقي:
وإذا المعلم ساء لحظ بصيرة جاءت على يده البصائر حولا
إن تبعة ذلك تلقى على المعلمين الكرام , فلينظروا أي موقف أوقفتهم الأقدار فيه , وليشدوا الحيازيم لأداء الأمانة على وجهها
وليعلموا أنهم يبنون للأمة من كل جيل ساقا حتى يعلوا البناء ويشمخ , وإن البناء لايعلو قويا , صحيحا , متماسك الأجزاء, متعصيا
على الهزات والزلازل - إلا إذا كان الأساس قويا متينا , متمكنا ركينا.
إذا كان الأمر كذلك فإنه لا يحسن بنا - معاشر المعلمين - أن نتنصل عن المسؤولية , أو أن نلقي بالتبعات على غيرنا , فنلقي بها
على البيت , وفساد الزمان , وقلة المعين وما إلى ذلك .......
بل نقوم بما هو فرض علينا , ونؤدي الأمانة المنوطة بنا على أكمل وجه وأتمه.
قال العلامة محمد البشير الإبراهيمي-رحمه الله - في وصيته للمعلمين: ( إنكم تجلسون من كراسي التعليم إلى عروش ممالك
رعاياها أطفال الأمة , فسوسوهم بالرفق والإحسان , وتدرجوا بهم من مرحلة كاملة التربية إلى مرحلة أكبر منها .
إنهم أمانة الله عندكم , وودائع الأمة بين أيديكم , سلمتهم إليكم أطفالا , لتردوها إليها رجالا , وقدمتها إليكم هياكل , لتنفخوا فيها
الروح , وألفاظا , لتعمروها بالمعاني , وأوعية لتملأوها بالفضيلة والمعرفة )
وما يحسن التنبيه عليه في هذا الصدد أن مسؤولية التربية والتعليم لا تقتصر على معلمي الشريعة أو اللغة أو ما يدور في فلكهما.
بل هي عامة , ومناطة بكل معلم ومرب , فالعلم النافع الذي دل عليه الكتاب والسنة هو كل علم أثمر الثمار النافعة, وأوصل إلى
المطالب العالية , فكل ما زكى الأعمال, ورقى الأرواح وهدى إلى السبيل - فهو من العلم النافع , لافرق في ذلك متعلق في الدنيا أو
الآخرة , فشرف الدين لازم لشرف الدنيا , وسعادة المعاش مقترنة بسعادة المعاد .
والشريعة بكمالها وشمولها أمرت بتعلم العلوم النافعة من العلم بالتوحيد وأصول الدين , ومن علوم الفقه والأحكام , ومن العلوم
العربية , والإجتماعية , والإقتصادية , والسياسية , والحربية , والطبية , إلى غير ذلك من العلوم التي يكون بها قوام الأمة ,
وصلابة الأفراد والمجتمعات.
منقوووووول
Bookmarks